ما أهمية أدب الأطفال ولماذا نهتم به؟
قد يتسأل البعض عن أهمية أدب الأطفال ولماذا ينبغي علينا كأفراد ومجتمع الأهتمام به؟ من المعروف أن الأدب يشكل جزءا مهماً من ثقافة المجتمع، ويدخل في باقي أجزاء الثقافة. فإذا كانت الثقافة هي جملة القيم والأفكار والعادات والتقاليد والقانون والفن والأخلاق والمعلومات، وجميع القدرات الأخرى التي يستطيع الإنسان أن يكتسبها بوصفه عضوا في جماعة. وإذا كانت الثقافة بهذا المعنى في جملتها تراثا اجتماعيا فكريا مكتسبا ينتقل من جيل إلى جيل.. إذا كان الأمر كذلك، فإن الأدب هو الوسيلة والرسالة التي تؤسس لكل ما سبق. ويمكن القول إن لا ثقافة بدون أدب. وبقد ما تؤسس الأمة لعناصر الأدب، وبقدر اهتمامها بأشكال الأدب المختلفة، بقدر رسوخ ثقافتها وخاصة فيما يتصل بعموميات تلك الثقافة.
وإذا كان للثقافة جانبان أساسيان؛ جانب مادي وآخر معنوي، فإن الأدب هو الرافد الذي يغذى هذين الجانبين، فالأدب يعكس وينعكس من خلال مظاهر الحياة المادية وسلوك البشر، وتظهر من خلاله الروح السائدة في المجتمع بما تحمله من قيم وأفكار ومبادئ واتجاهات.
وإذا كان الأدب بهذه الدرجة من الأهمية، فإنه يصبح أكثر أهمية في حياة الأطفال، حيث يدخل ضمن مكونات عملية التنشئة الاجتماعية والثقافية لهم، ويساعد في تشكيل شخصياتهم، ويكسبهم الخبرات المتنوعة التي تؤهلهم للتعامل مع معطيات الحياة ومواقفها، وفوق كل ذلك يربى وجدانهم ويسمو به إلى الحس الجمالي.
فالأدب الموجه للطفل له أهمية بالنسبة إلى الأطفال ذاتهم وبالنسبة إلى المجتمع؛ فهذا الاهتمام دليل على الوعي الحضاري، وتعبير عن الاهتمام بالواقع والمستقبل معًا. فالأطفال كما وصفهم سليمان العيسى “لأنهم فرح الحياة، ومجدها الحقيقي لأنهم المستقبل. لأنهم الشباب الذي سيملأُ الساحة غدًا أو بعد غد.” (العيسى، 1999).
أما الأديب عبد التواب يوسف في حوار له مع جريدة واصل (2012)، يصف أدب الأطفال بأنه يقع موقع القلب من منظومة التنشئة الاجتماعية في أية دولة من الدول، ذلك أن ما يحفل به هذا الأدب من قيم ومبادئ وأفكار تتسرب إلى وجدان الأطفال فتساهم في تشكيل شخصياتهم ورؤاهم ومعتقداتهم.
أهمية أدب الأطفال
ومما سبق، يمكن تلخيص أهمية أدب الأطفال في النقاط الآتية:
- تسلية الطفل وإثراء وقت فراغه وتنمية اهتماماته وهواياته.
- تطوير مهارات الطفل اللغوية من خلال زيادة المفردات وترسيخ قدرته على الفهم والقراءة.
- اكتشاف الطفل لبيئته المحيطة التي يعيش فيها من كافة الجوانب.
- اطلاع الطفل بآراء الكبار وتفكيرهم.
- تعزيز نمو قدرات الطفل العقلية والنفسية وزيادة مهاراته الاجتماعية.
- تنمية التركيز والانتباه ودقة ملاحظة التفاصيل لدى الطفل (عمرو وآخرون، 1990).
- تنمية أدب الإصغاء ومهارات الاستماع والتركيز.
- يساهم في تنمية الذوق الجمالي عند الطفل.
- اطلاع الطفل علي تراثه من خلال التعرف على العديد من الشخصيات البطولية والتاريخية والدينية والسياسية، وتقديم نماذج مشرقة من تاريخنا العربي والإسلامي وغيره من تراث الشعوب الأخرى، بهدف تنشئة الطفل علي حب القدوة الحسنة والاقتداء بها في شخصيته وسلوكه (العناني، 1992).
- جعل الطفل إنسانًا متميزا بسبب اطلاعه على كثير من الخبرات والمعارف من خلال المادة المقروءة.
- تنمية الاتجاهات الاجتماعية السليمة لدى الطفل، وتعريفه بالعادات والتقاليد التي يجب اتباعها في كل موقف.
- تعزيز شعور الأطفال بالولاء للوطن والانتماء إلي الأمة والعقيدة.
- الإسهام في خلق الطفل المثابر المخلص، والمتعاون مع مجتمعه.
- تزويدهم بالمعلومات العلمية وتكوين ثقافة عامة لدى الطفل (الحديدي، 2010)
- إطلاق العنان لأحلام الأطفال وخيالهم، وطاقاتهم الإبداعية، وفق مبادئ وقيم الإسلام، وليس التعلق بالمستحيلات، أو السلبية في مواجهة المشكلات أو الاعتماد على مصباح علاء الدين أو خاتم سليمان..
تأثير الأدب على شخصية الصغار
وبناءً على ما سبق، فإن للأدب تأثيراً كبيراً في تنمية شخصية الطفل، فالدراسات تشير إلى أن 80% من شخصية المراهق يتم اكتسابها في مراحل الطفولة حتى سن ثمانية سنوات. من هنا، يتأكد أهمية الدور المنوط بأدب الطفل في تشكيل شخصية الطفل، فهو:
- يساعد الأطفال على استرجاع تجارب الآخرين، وبالتالي توسيع وتعميق تجاربهم الشخصية.
- إتاحة الفرصة للأطفال للمشاركة بتعاطف كبير ورؤية وجهات النظر الأخرى والمشاكل وصعوبات الحياة التي يعيشها الآخرون.
- تمكن الأطفال من فهم أنماط وأساليب الحياة في الثقافات الأخرى ما كان منها معاصر، وما يتعمق في التاريخ.
- يعمل على توسيع آفاق الأطفال، مما يجعلهم أشخاصاً متسامحين، متقبلين للآخر، متفهمين لثقافتهم، ويشعرون بأن أسلوب حياتهم ليس هو الطريق الوحيد، وثقافتهم ليست الثقافة الوحيدة، وأن هناك ثقافات يجب أن نحترمها إذا لم نقبلها.
- يساعد على تقليل المشكلات التي يواجهها الطفل، حيث أن الطفل الذي يقرأ يكتسب بصيرة وخبرة عن مشكلات أصدقائه الصغار، ويتعلم طرق التعامل معها، مما يزيد ثقته بنفسه، وإيمانه بقدرته على مواجهة ما واجهوه.
- ينمي اتجاهات إيجابية لدى الأطفال نحو مختلف المخلوقات والمهن والمؤسسات وغيرها من المجالات التي تتنوع فيها أساليب الحياة.
- ينمي الثروة اللغوية لدي الطفل، ويبني لديه مخزوناً من المفردات والتراكيب التي تتيح له فهم ما يقرأ بسهولة. وتساعده عندما يحتاج إلى التعبير عن نفسه (طعيمة، 2001)
- يسهم في تنمية الطفل نفسيًا واجتماعيًا، ويتلمس حاجاته التربوية ويشبعها وتتسع رقعته الإيجابية لتغطي الجوانب المتكاملة لشخصية المتلقي الصغير.
من هنا، يمكن القول إن أدب الأطفال ليس أدبًا ترفيهيًا فقط بل له أبعاد أخرى. فهو أقوى أساس يقوم عليه التكوين العقلي والعاطفي للأطفال. وخير سبيل، ينمي مدركات الخيال ويرهف الإحساس بالجمال عندهم. وأجدى أسلوب تتأصل به القيم، وتتأكد به العواطف الدينية والقومية عند الأطفال. كما أنه أقوى طريق تتحدد به المثل العليا والسلوك الإنساني المحمود لأطفال اليوم وشباب الغد وصانعي الأمة في المستقبل القريب.