مفهوم الطفل وفقا لمبادئ النهج الشمولي التكاملي

يقوم النهج الشمولي التكاملي على رؤية الطفل كوحدة واحدة متكاملة، فالأطفال أزهار الحياة وفرحها ومتعة النفس وأريجها، قال تعالى: ﴿الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾، وهم الشباب الذي سيملأ الساحة غدًا أو بعد غد. هم امتداد هذه الأرض وثروة الحاضر.. هم الزنابق التي تبحث عنها ارضنا العربية… والغرس المأمول لبناء المستقبل…

فكان لابد من إيلائهم الاهتمام اللائق ببرعم يتفتح وزهرة تتأرج على مقربة من قلوبنا وعيوننا، وكان لابد من الدخول إلى عوالمهم من شذا الأدب والإبداع الذي يعشقون منذ أن عمر الإنسان الأرض…

فتربية الأطفال مهمة عظيمة، ووظيفة جليلة، ومسؤولية وطنية وقومية ودينية تقع على عاتقنا جميعا، لا تقتصر على فرد دون آخر، أو على مؤسسة دون أخرى..

مفهوم الطفل (child) لغة:

الطفل في اللغة: من الفعل الثلاثي طَفَلَ، والطفل والطفلة: الصغيران. والطفل: الصغير من كل شيء. والجمع أطفال، وقال أبو الهيثم: الصبي يدعى طفلاً حين يسقط من بطن أمه إلى أن يحتلم. وفي حديث الاستسقاء: وقد شغلَتْ أم الصبي عن الطفل أي شغلت بنفسها عن ولدها بما هي فيه من الجذب.

قال تعالى ﴿وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا﴾ (سورة الحج، آية 5).

قال الزجاج: طفلاً هنا في موضع أطفال يدل على ذلك ذكر الجماعة، وكأن معناه ثم يخرج كل واحد منكم طفلاً.

ومنه قوله تعالي: ﴿أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَىٰ عَوْرَاتِ النِّسَاءِ﴾ (سورة النور، آية 31)

فالآيات فصلت أيضًا مراحل عمر الإنسان، وبينت أن مرحلة الطفولة تلي استقرار الجنين في الرحم، وانفصاله منه بالولادة، إلى أن يبلغ الحلم وسن التكليف.

والطفل بالفتح: الناعم. يقال: جارية طفلة، أي ناعمة. وبنان طفل. وتطفيل الشمس: ميلها للغروب. وقد طفل الليل. إذا أقبل ظلامه. والطفل بالتحريك: بعد العصر، إذا طفلت الشمس للغروب، يقال: أتيته طفلاً. والطفل أيضًا: مطر (لسان العرب).

أما في الاصطلاح

فيرتبط التعريف العام للطفولة بعدد من الاعتبارات تتعلق في مجملها بالنواحي الجسمية والنفسية والزمنية والاجتماعية والدينية، ولذلك من الصعب للغاية صياغة تعريف جامع مانع للطفولة دون تداخلها مع مراحل عمرية أخرى.

فقد تم تحديد سنوات الطفولة في اصطلاح التربويين وعلماء النفس، وتوصل بعضهم إلى أن حدود سنوات الطفولة هي الفترة الواقعة ما بين الحلم وسن الثامنة عشرة، بمعنى شمولها على مراحل النمو التالية: مرحلة ما قبل الميلاد، ومرحلة المهد، والطفولة المبكرة، والطفولة المتأخرة، والبلوغ، ثم مرحلة المراهقة حتى سن الثامنة عشرة.

ومن الناحية القانونية فقد أصدرت الأمم المتحدة اتفاقية حقوق الطفل في عام 1990، وحددت هذه الوثيقة الطفل بأنه: (كل إنسان لم يتعدي عمره ثمانية عشر عاماً، ما لم تضع قوانين الوطن عمراً أصغر للرشد).

المبادئ الثلاثة الأساسية للنهج الشمولي التكاملي (Holistic and Integrated Approach)

تشكل المبادئ الثلاثة الأولى الركائز الأساسية للنهج الشمولي التكاملي، وهي:

1- الطفل كيان واحد متكامل يتفاعل مع بعضه، حيث يؤثر كل جانب في الجوانب الأخرى، ويتأثر بها:

يتضمن هذا المبدأ ملخصا لمجمل النهج الشمولي التكاملي. فإدراك الطبيعة الشمولية للطفل يتطلب مشاركة عدد من الأطراف المساندة لنمو الطفل، وهذا يعني الحاجة إلى التدريب، وتعزيز ونشر الممارسات النوعية في رعاية وتنمية الطفولة المبكرة داخل المجتمع المحلي. والمناداة بتحسين السياسات التي تؤثر على الأطفال الصغار.

2- الطفولة بحد ذاتها هي مرحلة عمرية قائمة ومتكاملة، وللطفل الحق في عيش هذه المرحلة بشكل كامل:

ففي الماضي، كان الناس يعدون الطفولة مرحلة تحضيرية للحياة – الحياة كما ترسمها ريشة الكبار طبعاً! لكن النصف الثاني من القرن العشرين شهد تحولاً جذرياً في المواقف تجاه الطفل والطفولة (ووجد له تعبيراً عام 1989 في اتفاقية حقوق الطفل). لقد أصبحنا نعد الطفل فرداً قائما بذاته، ونعد الطفولة مرحلة مهمة من مراحل الحياة. ويستند النهج الشمولي التكاملي إلى هذا المنظور الجديد للطفل والطفولة، فيقر بالحاجة إلى مساندة الوعي الناشئ لدى الطفل بطاقاته الكامنة، وفهمه المتنامي لحقوقه وواجباته ضمن سياقه الاجتماعي.

3- يحدث النمو في خطوات متسلسلة يمكن التنبؤ بها، تتخللها فترات تكون فيها جاهزية الطفل للتعلم في أوجها:

هذا المبدأ مشتق من علم النفس النمو، فالنهج الشمولي التكاملي يقوم على فهم ومساندة كل مرحلة من مراحل نمو الطفل وتطوره. حين نأتي إلى وضع الأهداف، وتخطيط العمل، وتحديد المؤشرات لتنفيذ العمل، فمن الضروري أن نحدد المرحلة أو المراحل التي ينبغي أن نساندها في نمو وتطور الطفل. إذ يساعدنا ذلك في تيسير عملية نمو وتطور الطفل في هذه المرحلة. (صفير وجليكس، 2002).

دائماً تذكروا أن:
– الأطفال يبادرون إلى الأمور التي تصدر عن اهتماماتهم ومقاصدهم الشخصية.
– الأطفال يختارون المواد والكتب ويقررون ما يعملون بها.
– تستكشف الأطفال الأشياء بطريقة نشطة مستخدمين جميع حواسهم.
– تستكشف الأطفال العلاقات بين الأشياء عن طريق الخبرة المباشرة معها.
– الأطفال يتحدثون عن خبراتهم.